زيف يحيزكيل هو ثروتنا
بعد مشاهدة التقرير الذي بثته القناة العاشرة عن المغني والمنشد زيف يحزكيل الذي أصبح نجماً ليس فقط بين الكثير من الإسرائيليين بل أيضاً بين الفلسطينيين، يسهل علينا سحبه بوجه اليسار العلماني-الأشكنازي بمعظمه لنقول له: بوو، اهلاً وسهلاً في الشرق الاوسط، من الجيد أنكم استفقتم. إلا أن هذا اليسار الذي أعلنت عليه الدولة حرباً لا هوادة فيها، والرأي العام لم يكن لصالحه من ذي قبل، “ملخوم” ومهزوم ومتواجد بهذه الأيام بأوج حملة صيد تلزمنا بأن نقوم بمراجعة الذات وان نفهم بأن لا شيء هناك يثير الضحك عندما تستخدم المنظومة كل الوسائل الموجودة تحت قبضتها لكي تخفيك، لتصادر حقوقك وتغلق فمك. غير مضحك اطلاقاً. اليوم دورهم، بالغد ممكن ان يكون دور أي شخص من بينكم، من أي جهة في الخارطة السياسية. لهذا، لن ادخل نفسي لهذا المكان فسكب الوقود على النار المشتعلة التي تهدد بهلاكنا جميعاً لا يبدو كفكرة جيدة بهذه الأيام.
مع ذلك، أشعر ملزمة للتطرق لمى ستسمعونه خلال ال-12 دقيقة هذه عن زيف يحزكيل لأن لذلك قيمة كبيرة، أبعد من مناكفة اليسار الذي لم يأبه يوماً لجمهور المتدينين وقام بإقصاهم مراراً عن خطاب السلام. هذه أمور هامة لأن هذه هي طريقنا الوحيدة، نحن الشرقيين والشرقيات، التقليديين المتدينين واليمينيين، لإدارة نقاش داخلي جديد فيما بيننا يكون منصفاً، متعقلاً ومنفتحاً على ماضينا وحاضرنا، على جيراننا المسلمين بالماضي وجيراننا الفلسطينيين بالحاضر.
نعم، زيف يحزكيل وكل ما يمثله ممكن ان ينجح بما فشل فيه الآخرون.
الوضع بالحضيض، اذا اردنا الحديث “دغري”، منذ زمن طويل، ولا أحد بالقيادة يأخذ المسؤولية بينما ندفع نحن الثمن بالشوارع، بالدم. يجدر بنا أن نبدأ بالاهتمام لأنفسنا. التحريض سيقود لمزيد من الدم، معادلة بسيطة. زيف يطرح هنا سؤالاً- هل جربنا حقاً، يهوداً وعرباً، بكل طريق ممكنه بأن نمنع دائرة الدماء القادمة؟. نحن الطبقة التي تعيش بصراع بقاء، نحن اللذين ندفع الثمن الأغلى بكل انتفاضة وحرب. على ظهورنا بنيت هنا دولة، على حساب هويتنا، بثمن محو ثقافتنا. لذلك، فالحفاظ على اللغة، الألحان والذاكرة هو أيضاً بقاء، وبقاء صعب بالظروف القائمة. مع ذلك، يقول زيف بأننا لن نتنازل عن من نكون. بسبب ورغم هؤلاء، نحن على ما يبدو أكثر شيء طبيعي هنا ففقط من يلامس الواقع بشكل دائم ويدير معه حواراً صريحاً وحقيقياً يقدر عليه.
لدى زيف امتياز لا يملكه الكثيرون منا. كرجل يهودي يضع الكيباه، حبه وإخلاصه للشعب اليهودي ولمسيرة آبائنا ليس بموضع شك، لديه أحقية وتخويل من الشارع لأن يقول اموراً أقل لطافة ونعومة وان يخرج من ذلك سالماً، وأكثر من ذلك، بأن يجعل من يتعاطف معه ويشبهه ينصت لكلامه. هذه ثروتنا ففقط من خلال المعرفة الحقيقية، الالمام باللغة المحلية والحديث بمستوى العينين من الممكن بأن ندير علاقات صحية. العلاقات الصحية تتطلب الكثير من الصراحة، الاستقامة والقدرة على التعامل مع النقد الشديد، من كلا الجهتين. زيف يحزكيل، يهودي-شرقي-متدين، لم يتنازل عن من يكون ولم ينسى من أين أتى، لا تتنازلوا أنتم أيضاً. نحن ثروة لهذا المكان، ثروة ممكن ان تقود تغيير.
برغم الطريق الصعبة، أنا مؤمنة بحق بأنه فقط نحن الشرقيين والعرب بإمكاننا ان ننجح بالمكان الذي فشلت فيه الأغلبية.
دي-جي وناشطة اجتماعية