يهود-نازيون

هناك تيار يهودي-نازي في هوامش المجتمع الإسرائيلي. هو ليس واسعاً جداً لكنه موجود وله عروض هنا وهناك في الحياة العامة بإسرائيل، كالعرض الأخير للنائب سموطريتش وزوجته.
 اوري مسجاف

 

الكثير من الأمور الصحيحة والحكيمة قيلت وكتبت، أيضاً من على هذه الصفحات، حول عرض العنصرية لبتساليل سموطريتش وزوجته، لكن هناك نقطة واحدة لم توضح بما فيه الكفاية. من المهم توضيحها، حتى لو لم يكن من المريح التعامل مع انعكاساتها. هي تحلق فوق كل تلك الإدعاءات السياسية والإجتماعية التي فحص السموطريتشيين وتصريحاتهم على ضوئها. ليس من الممكن أن نستمر بالهروب من هذه البشرى.

السموطريتشيون تحدثوا عن لحظة مقدسة وطاهرة، تلك اللحظة التي يولد فيها طفل يهودي. عن المطالبة بألا تتدخل أيادي عربية وتدنس القداسة والطهارة. عن رفض اقتسام الحيز المادي مع العرب، لأن العرب هم بالضرورة أعداء. عن طفل سيولد لأم عربية ويقوم بعد 20 عام بقتل طفل المرأة اليهودية. هذه ليست مجرد عنصرية. العنصرية مدانة دائماً ويجب التصدي لها، لكن هناك درجات حتى في العنصرية. أمامنا أحاديث عن عرق متفوق. عن حيز معيشة نظيف من دنس العدو. عن أطفال سيكبروا ليكونوا أعداءاً فتاكين، لأنهم ينتمون لعرق الأعداء. هذا نمط تفكير نازي. السموطريتشيون ومخلصيهم هم يهود-نازيون.

حكومة إسرائيل ترتكز على التيار اليهودي-نازي الذي يشغل منصب نائب رئيس برلمانها. ماذا كنا سنقول لو أن ذلك حدث في دولة سليمة أخرى، لنقل بألمانيا(!!)

هناك تيار يهودي-نازي في هوامش المجتمع الإسرائيلي. من الصعب تقدير أبعاده. هو ليس واسعاً جداً لكنه موجود وله عروض هنا وهناك في الحياة العامة بإسرائيل. على سبيل المثال، في منظمة “لهافا” بقيادة بنتسي جوبشطاين (“لا تفكر بمواعدة يهودية”)، قسم من نشاط “لا فاميليا” (“بيتار طاهرة الى الأبد”)، احراق محمد أبو خضير، احراق بيت عائلة دوابشة والاحتفال بموت طفلها علي خلال حفل زفاف. حان الوقت للإعتراف بهذه الظاهرة. هناك نيو-نازيون تقريباً بكل دولة غربية. هناك إسرائيليون يعتقدون بأن الكارثة كانت ببساطة غلطة مؤسفة بالعنوان. في مظاهرات النيو-نازيون ضد المسلمين في ألمانيا يشارك يهود يرفعون أعلام إسرائيل. في الانتخابات الأخيرة أيضاً حظي التيار اليهودي-نازي بدخول الكنيست. لم ينقص الكثير ليكون لديه أكثر من ممثل واحد. من ناحية احصائية هذا أمر منطقي، فالديمقراطية التمثيلية تعكس تيارات في المجتمع.

الأمر الذي ليس مفهوماً هو التعامل مع سموطريتش- هذه هي المرآة الحقيقية التي وضعها هذا الأسبوع أمام المجتمع الإسرائيلي: ليس الجميع مثله ولكن الجميع يقبل وجوده كأمر مشروع. الأمر الوحيد الذي كان يجب فعله هو مقاطعته، تجاهل وجوده، ألا نتبادل معه كلمة واحدة وبالطبع ألا نبادله ابتسامة أو مصافحة. أيضاً في الإعلام، على فكرة، الذي لم يتوقف عن مقابلته هو وزوجته بأدب فاتر. في القرن الماضي، حاول “الليكود” أن يحول دون خوض كهانا انتخابات الكنيست، وحتى بعد أن انتخب هذا قامت غالبية أعضاء الكنيست بمقاطعته. لاحقاً، أخرجت حركته عن القانون.

انظروا ماذا يحدث في إسرائيل بالسنة الأخيرة. قائمة “تكوما” انتخبت سموطريتش خلال انتخاباتها الداخلية للمكان الثاني. الحزب الذي يسمي نفسه “البيت اليهودي” قبل النتائج واحتضن سموطريتش. بعد ذلك خرج بنيامين نتنياهو ووعد الناخبين بأن الحديث عن شريك طبيعي. وعد ووفى. النتيجة كانت بأن التيار اليهودي-نازي ممثل في الحزب الذي حصل على وزارتي العدل والتربية.

لكن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد. فنتنياهو أقام ائتلافاً من 61 مقعد، ما يبقيه على قيد الحياة هو أصبع سموطريتش. لهذا فقد تم تعيينه لنائب رئيس الكنيست وهو يدير بعض جلساتها. حكومة إسرائيل اذاً ترتكز على التيار اليهودي-نازي الذي يشغل منصب نائب رئيس برلمانها. ماذا كنا سنقول لو أن ذلك حدث في دولة سليمة أخرى، لنقل بألمانيا(!!).

*نشرت هذه المقالة باللغة العبرية في صحيفة “هآرتس” بيوم 8.4.2016.

التعليقات

 

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.