ُهنا في اللا هُنا: حي القطمون بين الغياب والحضور
مشروع “هُنا في اللا هُنا” هو بمثابة دعوة لإلقاء نظرة معاصرة على العلاقات القائمة بين مساعي محو الحيز الحضري الفلسطيني في حي القطمون في القدس عام 1948، وبين الآثار المتبقية في هذا الحيز. يستعير المشروع اسمه من قصيدة “جدارية” (1999) للشاعر الفلسطيني محمود درويش، والتي تُعنى بالفجوة الزمنية بين الحياة في عالمنا هذا وبين أغوار الموت، كولادة متجددة تنتج عن الحوار المركب الذي يخلقه درويش بين الحاضر والمستقبل. هذا الحيز الجديد الذي ينشأ على سلسلة زمنية تتأرجح بين الغياب والحضور، هو المحور الرئيسي المنظّم للمشروع الذي يقام إحياءً للذكرى الـ 69 للنكبة التي تصادف يوم 15.5، وذلك بالتعاون بين جمعية ذاكرات ود. دوريت نعمان التي انتجت المشروع الوثائقي-التفاعلي حول الحي: Jerusalem We Are Here| يا قدس، نحن هنا.
يدعو المشروع لاسترجاع وترسيم وإعادة الذاكرة والتاريخ الممحيّين لحيّ القطمون في القدس، وإعادة نسج علاقات، متخيلة وفعلية، بين الناس، البيوت، المباني والشوارع، في الماضي، الحاضر والمستقبل المقدسي. في صُلب المشروع ستعرض مداخلات فنية داخل منازل خاصة في الحي، إذ سيقف الحضور والغياب جنبًا إلى جنب بشكل أكثر حدّة، ويتحول التاريخ غير المسرود من غياب إلى حضور. إنها دعوة لتحويل الـ “بيت العربي” إلى مكان وتاريخ وروايات ووجوه الأشخاص الذين سكنوه.
المعارض الثلاثة المُنظّمة ضمن مشروع “هنا في اللاهنا” تتتبّع رحلة متعددة المراحل تمتد على محور زمنيّ يجمع بين ماضي، حاضر ومستقبل حي القطمون في القدس. هذه الرحلة تدعونا لمحاولة صياغة مفهوم جديد للحيّز في حي القطمون. فضاء جديد لا يقتصر على جغرافيا الحيز الحضري الفلسطيني المنسيّ منذ نكبة عام 1948، إنّما يحوي في ثناياه حيزًا مُحتملا يمكّننا من تخيّل مختلف الاحتمالات المكانية، السياسية والرمزية للعودة.
“البيت العربي”، الذي أصبح في عصرنا هذا شغفًا معماريًا وعقاريًا معزولا عن التاريخ والسياق، كان بالنسبة لعائلات هذا الحي حيّزًا لخلق حياة جديدة وكوزموبوليتانية، اتّسمت بخليطٍ من اللغات وشكّلت مركز ضيافة لغرض الترفيه، مقرًا للحوارات السياسية والفكرية، وملتقى لأشخاص قدموا من مختلف أنحاء العالم العربي. مصير أهالي الحي مرتبطٌ بمصير هذا البيت. الأشخاص الذين شيّدوا هذا البيت وسكنوا فيه، حلِموا به وكَتبوا عنه، تحوّلوا قسرًا بين ليلة وضحاها من سكان أصلانيين إلى لاجئين.
معرض “القطمون القديمة: أرشيف متيقّظ” يتعمّق في الأرشيف المدني لحي القطمون، الذي أعدته د. دوريت نعمان. إنّه أرشيف بديل لا يرتكز فقط على الإصرار على تذكّر وتوثيق الماضي الغائب والمكبوت لحي القضمون، إنّما يسير أيضًا في الاتجاه المعاكس لمحاولات إلقاء الإدراك الزمني الفلسطيني خارج الإطار الزمني الصهيوني.
معرض “القطمون: خريطة مفسّرة” يدعو لخلق وجهة نظر جديدة تتبنى المنظور السابق بواسطة الاسترجاع الافتراضي لمراحل التاريخ الحضري للحي من نظرة فوقية. الزائرة مدعوة لإلقاء نظرة نقدية والتنقّل بين مختلف المراحل، ليس فقط لحل لغز الأشياء المرئية، إنّما لتخيّل المُستتر، الممحي والمُهمّش.
“الإنسان لا يحيا وحده” هي إحدى العبارات التي تزيّن الجدارية في معرض “القطمون المُتخيـَّلة: قنوات” للفنان رأفت حطّاب. النظرة إلى المستقبل هي بمثابة استعارة لمستقبل قادر على تحقيق العودة وخلق حيزًا مشتركًا، من خلال بناء سورة “الإخلاص” كشيء أزلي وجامع، يتفكك إلى جسيمات خشبية منفصلة، مجرّدة، تشكّل معًا تأويلا جديدًا وعلمانيًا للنص الأسطوري.
بالإضافة إلى المعارض التي ستقام في المنازل المفتوحة للجمهور طوال نهاية الأسبوع، بين 20.5.2017-18، ستُنظم أيضًا جولات بديلة، وندوة مسائيّة في اليوم الثالث ختامًا للمشروع.
للإطلاع على البرنامج الكامل، زوروا صفحة الحدث على الفيسبوك.